التواصل عن طريق الألوان

التواصل عن طريق الألوان



تفيد الدراسات أن أكثر من 75% من المعرفة تصل الإنسان عن
طريق النظر مما يجعل من دراسة التواصل عن طريق الألوان موضوعا مثيرا يستحق البحث والتنقيب في خباياه فالألوان جزء لا يتجزئ من كينونة الإنسان وقد عرفه منذ الأزل وحاول شرح الظواهر الأولية المتعلقة بثنائية نهار\ ليل ,ابيض \ اسود , والى حد الساعة تعتمد جميع الوسائط في جميع المجالات على الألوان بشكل ليس له مثيل , وهنا تكمن أهمية هذه الدراسة حيث تستمد مشروعيتها من طبيعة الموضوع الذي تجيب عن أسئلته , ما هية الألوان  ؟ ودورها في هيئة الشعوب ؟ ثم رمزية الألوان الشائعة الأحمر , الأخضر ,الأصفر ,الأبيض, الأزرق,الأسود  ,الوردي والبرتقالي .
حدود الدراسة :
تم الاقتصار في هذه الدراسة على دراسة الألوان في الأزياء مع الإشارة إلى رمزية كل لون من الألوان وما يحمله  من دلالات سياسية أو دينية أو اجتماعية وهنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من  الدراسات تناولت دراسة الألوان من وجهات نظر مختلفة إما من الجانب الأنتروبولوجي أو الفني التشكيلي   أو في مجال الديكور وتصميم الأزياء أو التداوي باستعمال الألوان فكان من الصعب بوجود كل هذه المجالات المتشبعة حصر موضوع دراستي .



عناصر الموضوع :
مقدمة لطرح الموضوع في أبعاده الرئيسية ثم تقسيم العرض الى فصلين :
الألوان:
تأثير الألوان على الإنسان .
الألوان عند العرب .
الألوان عند باقي الشعوب .
رمزية  بعض الألوان :
اللون الأحمر.
اللون الأخضر.
اللون الأبيض.
اللون الأصفر.
اللون البرتقالي.
اللون البنفسجي.
اللون الأسود.
ماهية الألوان و دلالاتها

الألوان عبارة عن ذبذبات ذات درجات متفاوتة تؤثر في جسد الانسان من خلال مستويات الوعي التي تجسدها,و تستخدم الألوان في أغراض شتى تتنوع ما بين الطب والفن والسياسة والأنثربولوجيا. وهي جزء لا يتجزأ من الحياة، ويرى جان ميخايل صدقة٭ أن "للَّون القدرة على إحداث تأثيرات نفسية على الإنسان، إذ أن لديه القدرة على الكشف عن شخصية الإنسان؛ ذلك لأن لكلَّ لون من الألوان مفهومات معينة ويملك دلالات خاصة. وعن طريق "اختبارات الألوان" يمكن تحليل الشخصية تحليلاً يتضمن تقويم القدرات وبيان الحالات العاطفية والفكرية".
-1تأثير الألوان على الانسان
 إن لكل لـون طاقة معينة و تأثير على الانسان ، فالأخضـر لإزالة الإجهاد و التوتر و هو مريـح للنظر ، و البنفسجي لتهــدئة الأعصاب و قد يوحي بالأسى أحيـاناً ، و الأزرق لتخفيف الصـداع و هو يرتبط بالولاء . و الفيروزي للسكن و الاستقرار و تجدد النشـاط ، و فوق البنفسجي له ضرر على القــلب و الرئتين و قاتل لبعض الجراثيم . و النيلي منشـط للذاكـرة . و الزهري له تأثير في الأعصاب الثائرة . و البني يؤدي إلى العزلة . و الأحمر يعمّق العاطفـة و يثير الشجاعة و الشدة ، و الأصفر يرتبط بالضــوء و يطــلق على الذهب الأصفر و يرتبط بالشمس ، و الأســود خوف من المجهــول, و استخدم فيثاغور الضــوء الملون في المـداواة منذ أكثر من 2500 عـام .
وقد أثبت العلم أن للألوان قوة تتحكم في سلوك الإنسان ؛ فالمتفائل ينظر بمنظار وردي ، و المتشائم ينظر بمنظار أسود . و الهالة الشعاعية ما هي إلا بارومتر يقيس لنا مدى قـدرة الجسم على تحقيق التوازن .
-2الألوان عند العرب :
استعمل العرب الألوان في مختلف مشارب حياتهم,وتغنوا به في قصائدهم مدحا وهجاء,و يحتوي “قاموس الألوان عند العرب” لمصنفه د. عبدالحميد إبراهيم، على أربعمائة وتسع وثمانين مادة مضبوطة ومشروحة تدور حول اللون، كلها مستقاة من اللغة العربية، ومن التراث العربي، ومن معارف الجزيرة العربية.
وأسوق هنا بعض الأبيات المتفرقة , من قبيل هذين البيتين لـ : دوقلة المنبجي :
الوجه مثل الصبح مبيَّض و الشعر مثل الليل مسودُّ
ضدان لما استجمعا حَسُنا و الضدُّ يظهر حسنه الضدُّ
يقــول عمرو بن كلثــوم في معلقته:
بأنَّا نورد الرايــات بيضاً    ونصدرهنَّ حمراً قد رَوينــا
و هذان البيتان من أروع ما قيل في الشعر العربي.
 يقول صفي الدين الحلي:
سَلي الرماح العوالي عن معالينا
واستشهِدي البيض هل خاب الرجا فينا
وقال أيضا :يفخر بقومه ويصفهم بأصحاب الأيادي البيضاء لفعل الخير والكرم
بيضٌ صنائعنا سودٌ وقائعنا
خضرٌ مرابِعنا حُمرٌ مواضينا
وقال ابراهيم الطباطبائي في اختلاف أحوال الدنيا وتقلب صروف الدهر .
هي الدنيا بها بيض وسود
رمت بيضاً من الدنيا بسودِ
 -3الألوان عند باقي الشعوب
 إن اللون قديم قدم الإنسان وله مدلول عام عند الشعوب ومدلول خاص عند الأفراد . فالشعوب اتخذت الألوان رمزا عاطفيا أو سياسيا لكيانها, مثل ( علم الدولة ) فكل علم يحمل رمزا أو رموزا, وهذا الرمز له دلالات نفسية. وقد تتنوع دلالات الرموز , فقد تكون دينية أو سياسية أو عرقية أو اجتماعية ....الخ . فالأمويون مثلا كان شعارهم اللون البيض وهذا اللون له دلالة نفسية لديهم , والعباسيون كان شعارهم اللون الأسود , وكذلك العلويون كان شعارهم اللون الأخضر .... وهكذا .
كما أن القبائل تكون لنفسها شعارات ملونة تتميز بها عن الغير حين إعلان الحرب على غيرها . ويمكن للفرد البدائي أن يزين نفسه بالألوان وذلك تقربا للعبادة والصلاة , وكثيرا ما نجد العبادات الهندية والبوذية تعتمد على رموز الالوان التي يلبسها الكهنة حتى الآن , كما نشاهدها بين رجال الدين في مختلف الديانات .
والألوان هبات ومنح ولا يجب أن تكون سببا للتشرذم. يوضح لنا عالم الاجتماع "أورخان كول أوغلو" أن أتباع المذاهب والسياسات المختلفة يختارون ألوانا مختلفة؛ ففي البلقان مثلا يعتبر اللونان الأبيض والأزرق ألوانا يونانية حيث يحوي العلم اليوناني اللونين الأبيض والأزرق. أما اللونان الأحمر والأسود فغالبا ما يرتبطان بالصراع السياسي والاجتماعي؛ فقد ظل الأحمر لعدة سنوات رمزا للعنف والقتل والظلم والإرهاب ومعاداة الديمقراطية." وبتعبير آخر يعني الأحمر وجها مملوءا بالغيظ (أحمر الوجه) أو دمويا (عينان دمويتان).
أما في مجال السياسة فيشير اللون الأحمر إلى الإثارة أو الدفع نحو تغيير اجتماعي سياسي جذري مصحوبا بالقوة كما هو الحال في الثورة الحمراء وأيّ شيء آخر يتصل بالشيوعية مثل المربع الأحمر الخاص بالاتحاد السوفيتي السابق. بل يوجد في العالم جيشان أحمران؛ الجيش السوفيتي الذي أسس عقب ثورة 1917، والجيش الأحمر الياباني الذي أسس عام 1969، وعرف أولهما بقوانينه ونظمه الصارمة مثل معاقبة بعض الكتائب بإرسالها في موجات انتحار جماعية، أما الثاني فهو عبارة عن منظمة إرهابية يابانية صغيرة بقيت ناشطة حتى عام 1990.
أما الألوية الحمراء الإيطالية وهي منظمة إرهابية يسارية متطرفة فقد اختارت اللون الأحمر في سعيها لتهيئة إيطاليا في السبعينيات لثورة ماركسية؛ كما اختار الثوريون الصينيون الذين سعوا لإنهاء الثقافة التقليدية الصينية اللون الأحمر والعنف؛ وتابعهم الثوار الكمبوديون الذين يعرفون باسم "الخمير الحمر" والذين قاموا بقتل جيل بأكمله في فترة حكم امتدت لثلاث سنوات ونصف فقط.
أما اللون الأبيض فهو يعني حضور كل  الألوان، كما يعني الضوء أو الشحوب( شعر أبيض، شفاه بيضاء، أيْ من الخوف)، ويحمل معنى بريئا أو عفيفا (زواج أبيض)، ومعنى غير ضار (كذب أبيض وسحر أبيض)، كما يشير إلى الأشياء السعيدة أو الأثيرة لدى المرء (أيام الحياة البيضاء)، ويعني أيضا المحافظ سياسيا أو الشعب التقليدي الذي يقوم بإجراءات ثورية مضادة (إرهاب أبيض).
وفي مجال الموسيقى يرتبط الأبيض بجودة النغمة الموسيقية المتميزة بنقاوتها وخلوها من التردد والاهتزاز.
أما اللون الأخضر فيحوي معنى الرحمة واللطف والاعتدال (شتاء أخضر-معتد) ومعنى الجاذبية والبهجة، ومعنى الشباب والحيوية وعدم النضج أو الاكتمال (تفاح أخضر). وفي المقابل قد يعني شيئا له مظهرا باهتا ومريضا أو شخصا حسودا (اخضرّ من الحسد)، كما يشير هذا اللون إلى الحركات السياسية المناصرة للبيئة (السلام الأخضر)، أو الأفراد الذين يعملون من أجل الحفاظ على البيئة (حزب الخضر).
أما الأصفر فهو يرتبط بمواد الفضائح المثيرة والأخبار المزيفة (الصحافة الصفراء)، كما يشير إلى الجبن (شيء من الجبن في شخصية الرجل).
أما اللون الزهري فيعني أن الشخص راديكالي معتدل يحمل رؤى اشتراكية سياسية كانت أو اقتصادية، كما يعني أيضا الإثارة العاطفية (زهري مبهج).
فالمناسبة بين الألوان وتفضيل بعضها على بعض وما تمثله بعض الألوان من معان، فضلا عن الجوانب النفسية للألوان، كلها أمور خاصة بكل أمة وتختلف باختلاف الزمان والمكان. فالأمريكان واليابانيون مثلا يحملون نفس المفهوم حول الألوان الساخنة والألوان الباردة. وعلى الرغم من هذا يرى اليابانيون أن الأزرق والأخضر ألوان طيبة والبرتقالي والأحمر الأرجواني ألوان سيئة، في الوقت الذي يرى فيه الأمريكان الألوان الأخضر والأصفر والأحمر ألوانا طيبة ويضعون البرتقالي والأحمر الأرجواني في مصاف الألوان السيئة. وبينما يمثل اللون الأسود لون الحزن في الغرب يستبدل به الأبيض أو الأرجواني أو الذهبي في بعض الثقافات الأخرى.
أما الأفارقة والآسيويون فهم يحبون ارتداء الألوان المتعددة، و هذا راجع إلى طبيعة البلاد التي يقطنونها حيث الطبيعة والجو المشمس الساطع الذي يؤثر على أرديتهم وأمزجتهم.
و نجد أن بعض اللغات لا تحوي كلمات منفصلة تعبر عن الألوان الأخضر والأزرق والأصفر والبرتقالي؛ بينما يستخدم الإسكيمو 17 كلمة لوصف اللون الأبيض الذي يصفون من خلاله درجات الثلج المتنوعة. وتُظهِر لنا مقارنة مصطلحات الألوان وجود نماذج خاصة؛ فكل اللغات تحوي أسماء محددة للونين الأبيض والأسود؛ وإذا قمنا بتمييز لون ثالث سنجده الأحمر يتلوه الأصفر أو الأخضر ثم تليها بقية الألوان. إذ يفضل الناس اللون الأزرق بنسبة 40ل% و الأخضر بنسبة 17 % و الأحمر 12% و الأصفر 6% و البرتقالي 5% إما الباقون فيفصلون الأبيض و الرمادي .
رمزية الألوان عند الشعوب
اللون الأبيض
هو لون فصل الشتاء والثلوج وآلهة القمر في الأساطير القديمة . فهو يرمز إلى البراءة والطهارة والصدق ،وقد اتخذت الحمامة البيضاء وليست السوداء رمزا للسلام و المحبة بالرغم من أن كل منهما أليف ووديع,, ويقترن الأبيض بأعمال الخير والعفة والفرح ، لذا فهو لون فساتين الأعراس في العديد من المجتمعات من حول العالم ، وقد يعني الأبيض أيضاً الاستسلام والخضوع لذا نرى العلم الأبيض عند إعلان الهدنة أو الاستسلام.
وقد عبده العرب في الجاهلية قال ابن عباس :"كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول"٭,وقد قالوا مثلَهم ( ما يبيضّ حجره ) واتخذ البياض كأحد أهم معايير الحسن والجمال عند العرب. وذلك لندرة صبغته في بشرتهم السمراء فحاجتهم إليه وافتقادهم له جعلته مرغوبا لديهم ، أمّا بعده الأسطوري فتقول الأسطورة: إن فينوس إلهة الحبّ والجمال عند الرومان ولدت من زبد الماء الأبيض ، وعندما صارت صبية أصبحت رائعة الجمال.
واستحب عمر بن الخطاب الثَّوب الأبيض لحامل القرآن؛ لتفضيل النبي له، وقوله بفضله عن غيره، ففيه صفاء اللون تعبير عن صفاء النفس والسلوك والسلام،وهو لون الاحرام, وفيه يُكفَّن موتى المسلمين.. ولا زال الى حد الساعة منتشرا في الدول العربية والاسلامية على حد السواء.
وبعض الرهبان البروتستانت مثل اللوثريين - أتباع مارتن لوثر- يرتدون اللَّون الأبيض أو الرمادي كردِّ فعل ضد الكنيسة الكاثوليكيَّة
و يلبس اللأبيض للحداد في كل من الصين و الهند واليابان وكوريا وعند بعض المسلمين.
 اللون الأحمر:
هو من أكثر الألوان حرارة ودفئاً ، فهو مرتبط بالحيوية والنشاط والمغامرة . ويرمز كذلك إلى الخطر ، ولهذه الغاية يستخدم في أضواء سيارات الإسعاف وإشارات المرور .
يطلق عليه الهنود روح الحياة,فهو لون الإله براهما,ورمز الحظ الجيد والثراء,لذا يلبسونه في الزفاف. شأنهم شأن تركيا والصين ؛ حيث ترتدي العروس خمارًا أحمر على رأسها عشية زفافها، وتُحيط خصرها بحزام أحمر اللون يوم الزفاف، كما تضع المرأة ساعة الولادة أيضًا شريطًا أحمر اللون، كإشارة إلى أنَّها على عتبة مستقبل جديد مليء بالثراء والغنى.
 أما سياسيا فهو اللون الرسمي للشيوعيين,واللون الملكي لأباطرة الصين.وهو لون الحداد عند جنوب إفريقيا.. وفي جزر بانجي الإندونيسيَّة يرتدون اللون الأحمر  أثناء الجنائز؛ حيث يشيع هذا اللون في ثقافتهم وتمتلئ الشوارع بالمشيعين الذين يتشحون باللون الأحمر...  أما  عند الإيرانيِّين فهو لون العار,و في الفن المسيحي هو لون الروح القدس.
كما يدل على الاحترام والتكريم,كلون السجاد الذي يبسط في المطارات لاستقبال الملوك أو رؤساء الجمهوريات.
اللون الأخضر
الأخضر هو لون الطبيعة والأمل المتجددين ! وهو مرتبط بعودة الحياة والشباب وعودة فصل الربيع إلى أحضان الطبيعة بعد ايام البرد أو الجفاف فتتألف زهوراً ملونة وخضاراً ندية تعيد البهجة إلى النفوس وتحيي الأمل فيها بعد موسم الشتاء القارس . وتعتبر العديد من الحضارات هذا اللون رمزاً للخصوبة والشباب . أما اليوم فيرمز الأخضر إلى رفض التلوث البيئي والدعوة إلى المحافظة على الطبيعة وتنميتها والعناية بها عن كثب . والأخضر لون التناغم والتوازن والسلام.
و هو أحب الألوان الى نفوس العرب البدو وسط ألوان الصحراء الخاويةو المسلمون يفضلون اللون الأخضر؛ حيثُ تُغطَّى قبورهم وأضرحتهم بأردية خضراء، كما يَشيع اللون ذاته في مساجدهم، اذ يربط بعض الناس بين الإسلام واللون الأخضر؛ حيث كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُحب اللون الأخضر، فكان معطفه الذي لبسه خلفاؤه من بعده أخضر,  فهو يريح العين، ويرتبط بالطبيعة، وأمر الناس أن يرتدوا ما صفا لونه، وخلا من الدنس وأراح العين، وكانت كتيبة المهاجرين والأنصار هي الكتيب الخضراء، و اتخذ بنو أمية أعلاما  خضراء وكانت أبواب مساجدهم ولون السنجاق داخل الزوايا وغرف المرابطين أخضر أيضا.
و في منغوليا، يشيع اللون الأخضر؛ حيثُ يُحب السُّكان الطبيعة والحيوانات.
اللون الأصفر.
يرتبط هذا اللون بالشمس والضوء و الذهب,ولهذا فهو رمز الشباب والقوة  والثراء عند جميع الشعوب,و قداتخذ من قبل الملوك و الأباطرة في الصين و الهند و أوربا ومصر القديمة,وهو لون الزهاد الهندوس و البوذيون في الهند,,و هو لون الأزياء الملكية في كوريا حيث يمنع الناس العاديون من ارتدائه.
اللون الأزرق:
هو لون التناغم والسلام والتفاني والإخلاص . تدرجاته متنوعة وعديدة ، منها ما يرتبط بغرابة الطراز ومنها بالملكية والثراء ومنها بالبساطة الفائقة . إلا أنه لون هادئ إجمالاً وتضفي تدرجاته الباهتة والفاتحة سعة إلى المساحة المتواجد بها وبُعداً وآفاقاً رحبة إلى التفكير.
عبر به المصريون القدامى عن الخلود و الرومان عن الهة الشمس,اما الفنانون في عصر النهضة فرمزوا به الى مريم العذراء.
وهو يبعث على الهدوء و التفاؤل حيث كانت الفتيات المقبلات على الزواج في اليونان يتفاءلن به و يحرصن على ارتداء شريط ازرق أو خاتم من هذا اللون في حفلات الزفاف منعا للحسد..
هناك العديد من الثقافات لا تميز بينه وبين الأخضر ,فعلى سبيل المثال عند الامازيغ تعني كلمة 'أزيزا'الأخضر و الأزرق.
أما في الثقافة العربية القديمة, فهو مشحون بدلالات ثقيلة، غربية، حصرية، مخيفة،و مقلقة، فالأزرق  جمود وعدم, ولا يوجد في العربية مشتقات مفجعة مثل تلك المشتقة من الجذر " زرق " فهو يدل على التلوث والكره والخسارة التي لا تعوض ..
ومصطلح  " زرق " يعني مال إلى الأزرق وأيضا فقد البصر وصار كفيفا.
والعدو الأزرق هو العدو الخطير الظالم الذي نوى على الهلاك، والموت الأزرق هو الموت الشديد مع ما يصاحبه من آلام ومقاساة.
واللون " الأزرق " لون شيطاني و كذلك لون المجرمين المغضوب عليهم .يقول تعالى"يوم ينفخ في الصور ويحشر المجرمون يومئذ زرقا "٭
لقد كان اللون الأزرق قليل التداول وإذا ذكر فهو علامة على الحزن، وقد تم تعويض لفظ " أزرق " بلون " سماوي"، كما اعتبر النظر إلى الأشياء " الزرقاء " دليل على " فال سيئ ".
فالأزرق مرفوض نفسيا وثقافيا، ولهذا لعب على مدى التاريخ دور مثبط معيق.
وفي الوقت المعاصر نجد أن هذا الرفض للون الأزرق قد قل بسبب الاحتكاك الثقافي بين الأمم، لان الثقافة الغربية تحب اللون الأزرق.
اللون البرتقالي:
يجمع البرتقالي بين الطاقة الجسدية للون الأحمر والطاقة الفكرية للأصفر . ففي الميتولوجيا والأساطير الإغريقية اقترن هذا اللون بزوس كبير الآلهة عند اليونانيين القدامى .
و في آسيا الشرقية ، يرتدي الرهبان البوذيون لون الزعفران ( الأصفر البرتقالي ) ليرمزوا إلى تواضعهم وخشوعهم .وكذا لون زي الرهبان المعروفين بالماندرين, أما في اليابان فيرمز البرتقالي إلى الحب والسعادة . ، و سياسيا فقد ارتبط بالثورة البرتقالية في أوكرانيا سنة 2004. و هو اللون السائد في مدينة فارانسي الهندية ونهر الجانج.
اللون البنفسجي والأرجواني الملكيان
 : يرمز هذان اللونان إلى الملكية ( أرجواني ملكي ) ، ورفاه العيش ، كما يرمزان إلى الحساسية ،و حسن الذوق ، والفنون ،و الموسيقى والفلسفة . ، و كان هو لون الإمبراطورية البيزنطية؛ حيثُ كان الإمبراطور وَحْدَه  من يرتدي هذا اللون، وحتى بعد موته بنيت مقبرته من حجارة بنفسجيَّة اللون،
فالأرجواني لون جليل يرتبط بالنضوج والتقدم في السن وهو لون فيكتوري ،ويتخذه الأساقفة في الديانة الكاثوليكية زيا لهم..
وتبقى رمزية البنفسجي إذًا هي رمزية الأحمر والأزرق ممتزجين، حيث صُقِل أحمر الأنا من خلال أزرق الحكمة، وهو يعبّر عن الفترة الانتقالية بين الحياة والأزلية.
وفي المسيحية، هو اللون الذي يغطى به المذبح خلال الجمعة العظيمة، وهو اللون المخصّص للشهداء، وقد أصبح لون الحداد عند ملوك فرنسا والكاردينالات, و في جزيرة موريس و جنوب افريقيا.  فهو كالأزرق يعطي رمزية روحانية، ولكن مع بعض الحزن أو الاكتئاب، مشيرًا إلى مصير الحياة الأرضية.
اللون الأسود
الأسود يشير إلى تلاشي الأضواء وحلول الظلام وانعدام الألوان ، وبما أنه لا وجود للحياة من دون أضواء وأنوار فيندر وجوده في الطبيعة .
ويدلّ الأسود في معظم بلدان العالم على الحزن والموت والحداد والتوبة ، وهو مرتبط بالظلام الدامس والسحر والشعوذة والشر و يستخدم للإشارة إلى الأمور الثَّقيلة والخطيرة (مكيدة سوداء)، أو المتسخة والملوثة (أيدي سوداء)، أو المكر والخبث والشر (أفعال سوداء)، أو الأشياء ذات الأثر السلبي (علامة سوداء في سجل المرء)، أو الأمور الغيبيَّة أو الشيطانية (سحر أسود)، أو الأحداث والمشاعر الحزينة واليائسة والمصائب (اليأس الأسود)، أو العداوة والغضب والتجهم (الحقد الأسود)، أو الأمور المشوهة والسخرية الشاذة (الفكاهة السوداء)، أو عمليات الاستخبارات السرية (المهام الحكومية السوداء). يقول طبيب علم النفس الاجتماعي "إبراهيم بالي أغلو": "على الرَّغم من أننا نربط الأسود بمعانٍ سلبيَّة فلا يُمكن أن ننكر أنَّه يُمثل الجدية والاحترام والنُّبل، فهناك مواطن لا يعد فيها اللون الأبيض الذي هو لون الطهر لونًا مناسبًا"ويرى أيضا  أنَّ من المنطقي ربط الأبيض بالمفاهيم الإيجابية، والأسود بالمفاهيم السلبية: "الأبيض والأسود كالليل والنَّهار، فبينما يثير سواد الليل الذُّعر في القلوب، يشيع ضوء النهار فيها الطمأنينة والسَّكينة، كما أنَّ عتمة الليل تخفي الألوان، بينما يظهر النهار بريقها، والناس بطبيعتهم يَميلون لحب الضَّوء وألوانه السَّاطعة"
ونرى القساوسة الأرثوذكس الشرقيِّين يتَّشحون بالسواد، ويضعون غطاء رأس أسود اللون، وكذارجالَ الدين والراهبات الكاثوليكيِّين يفضلون اللون الأسود؛ لبساطته ووقاره، كما ترتدي بعض الجماعات اليهودية المتشددة المعاطف السَّوداء الطويلة والقُبَّعات السوداء عادة، أثناء المناسبات الدينيَّة أو الأحداث الهامَّة؛ ليدلوا على أهمية الحدث.
وبينما يُمثل اللون الأسود لون الحزن في الغرب يستبدل به الأبيض أو الأرجواني أو الذهبي في بعض الثقافات الأخرى.
أما الإيرانيون فيرون أنَّ اللون الأسود لون شريف، وهو رمزٌ للحداد،تقول "نوّال سَوِينْدي" التي عاشت في إيران لفترة: "إن الإيرانيين يرون أن اللون الأسود لون شريف"، وترى  أن الإيرانيين والغربيين كذلك يرون اللون الأسود رمزا للحداد؛ ويتشح الإيرانيون باللون الأسود لتذكر أئمتهم، بينما يرتدي الغربيون السواد في جنائزهم لتذكر قديسيهم.
وتستطرد سويندي: "يبدو أن الإيرانيين يرتدون ثياب الحداد على الدوام فكربلاء تعيش داخلهم «
أمَّا الأتراك فلا يعدُّون اللون الأسود لونًا حزينًا؛ لذا فهم يرتدون ثيابًا عادية أثناء حضور الجنائز؛ لأنَّهم ينظرون إلى الموت كجزء لا يتجزأ من الحياة.
وحاليا أصبح اللون الأسود ملك السهرات و سيد صالات العرض..

تختلف دلالات الألوان من ثقافة لأخرى,تلتقي حينا وتفترق أخرى,و تختلف تأثيراتها من جيل لآخر ,فهي مرتبطة بالتجارب المعاشة,و طبيعة التربية المتلقاة ,والتطور الإنساني بصفة عامة, و تؤثر الخلفية الحضارية و البيئة التي يعيش فيها الإنسان و السن و الحسن على استعمال بعض الألوان لان هناك قدرا من الألوان يلقى الاستحسان في كل الأماكن ولوسائل الاتصال الحديثة دور كبير في اتساع دائرة الألوان , ولا تشترط في الألوان لمن يقرؤها معرفة أي لغة بل هي بذاتها لغة سهلة يفهمها المتعلم و الأمي..
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
zakidz